شيع الليبيون صباح اليوم بمدينة بنغازي 18 شخصا قضوا
برصاص حي من قبل قوات الأمن وقوات مرتزقة، في حين واصلت القوات الليبية رمي
المتظاهرين بالمدينة بالقذائف المضادة للطيران التي تعرف محليا باسم "م
ط". يأتي ذلك وقد اتسعت دائرة الاحتجاج لتشمل مدنا بشرق ليبيا وغربها.
وقال شاهد عيان للجزيرة نت إن شوارع المدينة تزدحم بالمتظاهرين الذين ازداد
تمسكهم بمطلبهم بإسقاط النظام، مؤكدا أن عشرات الجثث ما زالت مسجاة في
الشوارع، ويعجز المتظاهرون عن سحبها بسبب وابل الرصاص الكثيف الذي يطلق
عليهم.
وأكد العديد من شهود العيان للجزيرة أن أعداد القتلى بمدينة بنغازي وحدها
منذ تفجر المظاهرات السلمية تزيد على مائتي قتيل وأن عدد الجرحى بالمدينة
يقترب من ألف.
وبينما توالت الأنباء عن انضمام العديد من ضباط الجيش إلى صفوف المواطنين
ورفضهم إطلاق النار على المتظاهرين، قال شهود عيان إن سيارات مدنية تخرج من
كتيبة الفضيل (محل إقامة الزعيم الليبي معمر القذافي في بنغازي) في ساعات
الليل وترمي المارة بالشوارع الرئيسية بالرصاص الحي، وتتردد إشاعات عن وجود
عمليات إنزال في مطار بنينا الدولي لمرتزقة أفارقة مسلحين.
وقد قرر آلاف الأشخاص المعتصمين أمام محكمة شمال بنغازي مواصلة اعتصامهم
إلى أن يتحقق مطلبهم بسقوط النظام، وذلك رغم محاولات تفريقهم وحبسهم
ومباغتتهم في ساعات الفجر الأولى.
إسقاط نظام القذافي هو هدف مظاهرات ليبيا (الفرنسية)
وقال شهود عيان إنه بسبب حالة الفراغ الأمني الذي تعيشه مدينة بنغازي، فقد
تولى عدد من شباب المدينة تسيير حركة المرور، كما قام آخرون بتنظيم لجان
وطنية شبابية تتكون من لجان تغذية وطب ونظافة وإعاشة وجمع تبرعات لمساعدة
أهالي المدينة على الصمود.
ونقلت وكالة رويتز عن شهود عيان قولهم إن انتشار قوات الأمن في المدينة قاصر على مجمع يطلق منه القناصة النار على المحتجين.
وتأتي هذه التطورات في وقت تفرض فيه السلطات الليبية تكتما إعلاميا شديدا
على ما يشهده الشارع الليبي، كما تلجأ في معظم الأوقات إلى حجب خدمات
الإنترنت والاتصالات الهاتفية، وحجب قناة الجزيرة وموقعها الإلكتروني.
خمسون عالما
وفي تطور جديد وجه خمسون من علماء المسلمين في ليبيا نداء إلى قوات الأمن بوقف عمليات القتل والمذابح التي ترتكب بحق الليبيين.
وجاء في البيان الذي شارك فيه أيضا مفكرون وزعماء عشائر "أن الله ورسوله
يحرمان قتل النفس البريئة فلا تقتلوا إخوانكم وأخواتكم وأوقفوا هذه المذبحة
الآن".
شهود العيان أكدوا سقوط مئات القتلى في مظاهرات ليبيا
مجزرة كبرى
وكانت بنغازي قد شهدت أمس السبت مجزرة كبيرة عندما أطلقت قوات الأمن الرصاص
على موكب جنائزي كان يشيع قتلى سقطوا بمواجهات وقعت الخميس، مما تسبب في
مقتل وجرح المئات.
وعادت قوات الأمن لإطلاق الرصاص على المشيعين لدى رجوعهم من المقبرة من أمام مديرية أمن بنغازي.
وقال المحامي والناشط الحقوقي الليبي فتحي تربل للجزيرة إن عدد القتلى
الذين سقطوا برصاص قوات الأمن في بنغازي قد يصل إلى 200 قتيل وإن هناك ما
بين 800 و900 جريح.
كما أكد مصدر طبي أن مستشفيات بنغازي تعج بالمصابين، وأن أكثر الحالات التي
تصل المستشفى على حافة الموت، وأغلبها مصاب بالرصاص في الرأس والرقبة
والصدر.
وأوضح المصدر أنه بالكشف عن المصابين والقتلى يتبين أن قوات الأمن استخدمت
رصاصا ينشطر في الجسم، ونوعا آخر من القذائف المضادة للطيران تعرف محليا
باسم "م ط".
السلطات الليبية فرضت تكتما إعلاميا على أحداث الشارع
مناطق أخرى
كما شهدت مدينة مصراتة -وهي ثالثة كبريات المدن الليبية وتقع شرق العاصمة طرابلس على شاطئ البحر الأبيض المتوسط- مواجهات عنيفة.
وقال أحد السكان للجزيرة إن متظاهرا قتل وأصيب عدد آخر عندما تصدى من سماهم
بلطجية بالسيوف والعصي لمسيرة كانت تطالب بإسقاط النظام، ورشق المتظاهرون
المهاجمين بالحجارة، ثم تدخلت قوات الأمن التي ألقت القنابل المسيلة للدموع
وأطلقت الرصاص.
وامتدت المظاهرات أيضا إلى مدن درنة والبيضاء وأجدابيا والقبة وطبرق وتاجورا وشحات.
أما العاصمة طرابلس فتشهد استنفارا أمنيا غير مسبوق وانتشارا كثيفا لقوات
الأمن، ونقلت وكالة أسوشيتد برس أن السلطات وزعت على السكان بالعاصمة رسائل
هاتفية تحذرهم من التعرض لقوات الأمن وصناعة النفط. وكانت قوات الأمن قد
فرقت احتجاجات محدودة خارج العاصمة.
ولم تعلن الحكومة أي أعداد بشأن الضحايا، ولم تصدر تعليقا رسميا على أعمال
العنف، واكتفت بالتحدث عن الكشف عما وصفته بشبكة أجنبية مندسّة تسعى لضرب
استقرار ليبيا عبر القيام بأعمال تخريب ونهب والاعتداء على مراكز الأمن
العام والشرطة العسكرية.